Friday, February 21, 2014

الإنفلونزا - خوان خوسيه ميّاس

تأتي الإنفلونزا من آسيا، الأشباح من الدولاب، والرعب من الظلال. الإنفلونزا تتصاعد تدريجيًّا. ذات يوم، بعد الأكل، تبدأَ في النظر إلى الأشياء بغرابة معيّنة. يبدو لك زملاء العمل كما لو كانوا يتحركون بسرعة مفرطة؛ بالإضافة لذلك، هم لا يشعرون بالبرد، بينما أنت، منذ ساعتين أو ثلاث، تشعر في ظهرك – غير المأهول عادة – بحركة خاصّة، كما لو أن أحدهم قد فتح نافذة عند كليتيك. أثاث المكتب معتم؛ لا يتواصل أبدًا إلا بقدر الحاجة. في الشارع، يجذبُ العربات والناس ثِقَلا مميتًا. كأنّهم مُدارون على البعد بواسطة ميكانيكيّ قليل المهارة. غالبًا، أنت لم تعرف بعد أنّ لديك حمّى، لكن الأكيد أن مفاصل جسدك قد بدأت في إرسال إشارات خفيفة تنذر عن كارثة، يتم ترجمتها إلى حالة نفسيّة تميل إلى اللا مبالاة. قبل النوم، تنكمش على نفسك في سعادة وتخبرك زوجتك أنّك ساخن جدّا. أنت ساخن. وغدًا، لديك موعدٌ هامّ، وتُسعدك فكرة أن هذا الموعد الهام لا يُهمك إطلاقًا، كباقي تفاصيل الواقع.

عظامك حتّى الآن لا تؤلمك لدرجة تمنعك من التفكير فيما ستقرأ. ثلاثة أيام في السرير تعني روايتان. بمجرّد أن تبدأ في النوم، تنتبه بعض الشيء . تسترجع أحداث الأسبوع ويُدهشك شغفك بمتعٍ سخيفة، هالكة. تنام وتحلم بخطوات أمّك في الرواق. أنت طفلٌ والعالم لا يعتمد عليك. يمكنك أن تصبح غير مسؤول وهو ما يمنحك لسعة من السعادة. تنكمش أكثر على نفسك وتلاحظ أصابع أمّك على جبهتك.

شيءُ هكذا لا يمكن أن يأتي من آسيا؛ لا بُدّ أن يكون نابعًا من أعماق المرء نفسه. كلأشباح التي تبدو خارجة من الدولاب، وكالرعب الذي يبرز من الظلال.

No comments:

Post a Comment